.
المقال رقم2
إلى أهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
***** هام جدا وجاد جدا *****
"العلماء" ليسوا وحدهم الراسخين في العلم،
والمتشابه من القرآن قطعا لا يعلمون تأويله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
"هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب 7"
س. آل عمران.
ـــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــ
يقول الرأي الفقهي كما هو معلوم أن الراسخين في العلم الوارد ذكرهم في هذه الآية الكريمة هم الفقهاء و"العلماء"؛ وأن لهم القدرة على تأويل المتشابه من القرآن؛ وأن دليل هذه القدرة يخبر بها الله قولا بأن واو العطف تعطفهم إليه سبحانه بشأن العلم بتأويله؛ وأن هذه القدرة ينفردون بها دون عموم الناس قولا بأن المتشابه يمكنهم تأويله من خلال الآيات المحكمات و"السنة" ماداموا هم أعلم بهما وبفهمهما الدقيق دون غيرهم.
وتقول الحقيقة أن جل هذا القول الفقهي باطل. فالراسخون في العلم ليسوا هم الفقهاء و"العلماء" حصرا ولا هم أجمعون منهم؛ والقدرة على تأويل المتشابه من القرآن لا يملكها أحد من البشر عموما؛ وواو العطف هي ليست عطفا بين الله وبين الراسخين في العلم من حيث العلم بتأويل هذا المتشابه؛ ومعنى المتشابه هو ليس كما يقول به الرأي الفقهي. وهذه الحقائق الأربع صحيحة بالمطلق وبسند 13 حجة دامغة وارد عشر منها في نفس الآية المعنية، ووارد منها حجتان ضمنيا في نفس مضمون الرأي الفقهي، والحجة الثالثة عشر هي مبينة في الكثير من الآيات القرآنية تذكيرا بما هو معلوم تاريخيا بشأن سنة تنزيل الذكر ومعروضة بتفصيل في المقال رقم4.
1 - الدليل الأول
يشكله التعريف الرباني الواضح بذاته للراسخين في العلم
الراسخون في العلم يعرف بهم الله عز وجل جلاله في تلك الآية على أنهم:
1 - الذين يقولون آمنا به كل من عند ربنا؛
2 - أولو الألباب الذين يذكرون آياته سبحانه وما أنزل من الحق؛
3 - الراسخون في العلم بما أوتوه من عنده سبحانه بدليل كونهم مؤمنين طائعين لا يزعزع إيمانهم القلبي شيء من عند الشيطان ولا يغيره المتشابه من القرآن الذي لا يفهمونه.
وأسألكم أيها القراء وأسأل من خلالكم أو مباشرة كل فقيه وعالم هذه الأسئلة المعلومة أجوبتها:
هل "العلماء" في الدين هم وحدهم من يقولون آمنا به كل من عند ربنا ؟؟؟
هل هم وحدهم المؤمنون بالله وبما أنزل من الحق عز وجل جلاله ؟؟؟
هل هم وحدهم أولو الألباب الذين يذكرون آيات الله والحق الذي بينه سبحانه تذكيرا ؟؟؟
الأجوبة الثلاثة كلها هي بالنفي القاطع بالمطلق وبطبيعة الحال.
والخلاصة تقول إذا أن الراسخين في العلم هم ليسوا فقط الفقهاء والعلماء ولا هم كلهم منهم ، وإنما هم عموما كل أهل القرآن المؤمنين بالله إيمانا ثابتا لا يزعزعه شيء من عند الشيطان وكذلك لا يغيره ما هو غير مفهوم بذاته في القرآن الكريم ؛ وأن المجال للقول بقدرة الفقهاء والعلماء على تأويل المتشابه من القرآن هو ملغى تباعا ؛ وأن هذا المتشابه هو الآيات القرآنية غير المشروحة بذاتها وغير المقروء فهمها ؛ وأن كل تعريف فقهي بشأنها مخالف لهذا التعريف الصحيح هو باطل مردود .
2 - الدليل الثاني
موجود في ذكره سبحانه التسمية النعتية "الراسخون"
فمعلوم أن الله لا يختار كلماته عبثا وأنه الحكيم دقيق في الإخبار لغويا بما يريد ويجعل الكلمة منه مبصرة غنية من حيث المضمون والدلالة والإملاء. ولئن يخص الرأي الفقهي "العلماء" في الدين بعبارة "أهل الذكر" باطلا أيضا كما هو موضح في المقال رقم1 والمقال رقم3 فسبحانه لم يستعملها في الآية الكريمة المعنية. وعلى القارئ أن يلاحظ كذلك أنه الحكيم لم يستعمل مثلا عبارة "العلماء في الدين" التي لا يرد ذكرها أصلا في القرآن كله، أو عبارة "العالمون بالذكر" أو عبارة "المتمكنون من العلم بالذكر" أو عبارة بمضمون من هذا القبيل. بل إستعمل سبحانه عبارة "الراسخون في العلم" التي تخبر ضمنيا بأن كل العباد الثقلين يعلمون جوهر الحق المذكر به في القرآن الذي سماه هو الحكيم عز وجل جلاله الذكر والتذكير والذكرى والتذكرة، وأنه منهم من يتبعونه كله ومنهم من يتبعون بعضه ومنهم من لا يتبعون منه إلا القليل أو دون ذلك وهم من الخاسرين. والذين يخصهم سبحانه بهذه العبارة دون غيرهم هم بطبيعة الحال المصدقون بالعلم من عند ربهم والصادقون تباعا في إيمانهم من خلال الفعل والعمل على أرض الواقع، والثابتون على هذا التصديق وهذا الصدق وهذا الإسلام العملي. وعلاقة بالموضوع المفتوح، هم الذين لا يزعزع عقيدتهم شيء من المتشابه من القرآن غير المعلوم لديهم تأويله وغير المفهوم تباعا. ودليل موقفهم هذا المحمود يخبر به سبحانه بقوله الحكيم: "يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب". أي أن هذا القول الرباني الجليل هو مرادف لقوله سبحانه "الراسخون في العلم" أو هو يوضحه ويشرحه. وكل من القولين الجليلين يجدان بالتقابل شرحا لهما ثالث يزيد في تثبيتهما وذلك في شخص مضمون قوله سبحانه الحكيم "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة". فهؤلاء زائغون فيما يعلمون ومكذبون به وعصاة بدليل كونهم يتبعون المتشابه من القرآن إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله؛ وهؤلاء في مقابلهم راسخون فيما يعلمون مصدقون مؤمنون طائعون بدليل كونهم يؤمنون بكل القرآن محكمه ومتشابهه سواء ولا يخوضون في إبتكار التأويلات للمتشابه منه.
والخلاصة تقول إذا أيها القارئ من أهل القرآن أن هذا القول الرباني الثلاثي الكريم الذي يشرح بعضه بتوافق تام لا ريب فيه يؤكد بالمطلق أن الفقهاء و"العلماء" هم ليسوا وحدهم الراسخين في العلم كما هو معتقد فقهيا ولا هم كلهم منهم. وتقول كذلك أن هذا الدليل يسقط تباعا قولهم بذاك المعنى للمتشابه من القرآن، وقولهم بقدرتهم على تأويله، وقولهم بذاك العطف النحوي.
3 - الدليل الثالث
يشكله ذكر في الآية لطرفين متقابلين من حيث رد الفعل إزاء المتشابه من القرآن
يذكر الله في تلك الآية طرفين من الناس متقابلين من حيث موقفهم من المتشابه من القرآن وحيث موقف أحدهما محمود وموقف الآخر مذموم:
1 - فالطرف الأول منهم يعرف بهم سبحانه على أنهم الذين في قلوبهم زيغ ويتبعون هذا المتشابه ويبتغون بذلك الفتنة من خلال تأويله حسب أهوائهم، وأنهم تباعا من الكافرين؛
2 - والطرف الثاني منهم يعرف بهم عز وجل جلاله على أنهم الراسخون في العلم الذين يقولون بشأن المتشابه "آمنا به كل من عند ربنا"، وأنهم أولو الألباب الذين يذكرون، وأنهم المؤمنون تباعا بكل ما أنزل سبحانه محكما ومتشابها سواء.
والخلاصة تقول في طرفها الأول أن هذين الطرفين وارد ذكرهما في الآية؛ وأنهما متقابلان من حيث موقفهما من المتشابه من القرآن؛ وأن موقف الطرف الأول مذموم ويتمثل في كونه يتبع المتشابه من القرآن إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله؛ وأن تقابلهما يقضي بتعميم نقيض موقف هذا الطرف على الطرف الثاني؛ وأن هذا النقيض يتمثل في عدم إتباع المتشابه وعدم محاولة تأويله. وتقول في طرفها الثاني تباعا أن مجال القول بقدرة البشر على فهم المتشابه من القرآن فهمه الصحيح هو ملغى بالتمام؛ وأن الذين لهم نقيض موقف ذوي الزيغ في قلوبهم هم كل أهل القرآن المؤمنين المطيعين المخلصين الذين ينعتهم سبحانه بالراسخين في العلم وبذوي الألباب؛ وأن هذا المتشابه يظل متشابها متى لم يظهر الله بيانه.
4 - الدليل الرابع
يشكله حقيقة إرتباط ذكر واو العطف بذكر الطرفين المتقابلين
فالطرفان المعنيان واضح إذا ذكرهما في قوله سبحانه. والذكر بالتوالي لهذين الطرفين المتقابلين من حيث موقفهما من المتشابه من القرآن يستلزم بالضرورة اللغوية ذكر واو العطف. وهذا دليل قاطع يؤكد أن العطف هو بين هذين الطرفين وليس بين الله والطرف الثاني من حيث العلم بتأويل الآيات المتشابهات.
5 - الدليل الخامس
موجود في شخص سياق ومدلول قول الراسخين في العلم الذي يخبرنا به العالم بما في الصدور
فهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا. وإيمانهم المذكور هو عموما بشأن القرآن كله، وهو بالذات أساسا بشأن المتشابه منه تبعا لسياق الآية في شخص ما سبق فيها من ذكر. وما يقولون ذلك إلا على أساس كون المتشابه لديهم يظل متشابها وغير مفهوم. ولو كانوا يعلمون تأويله لما جاز قولهم "آمنا به كل من عند ربنا" ولما أخبر به سبحانه الحق.
6 - الدليل السادس
يشكله قوله سبحانه الجامع بشأن المتشابه من قرآنه المجيد: "ولا يعلم تأويله إلا الله"
فسبحانه الحكيم، وبصريح العبارة، يخبرنا بأنه هو وحده من يعلم تأويل المتشابه من قرآنه المجيد. ومجموع الدلائل الأخرى تؤكد هذا المضمون الكريم بمفهومه الواحد الواضح البارز في الواجهة الأولى ولا تؤكد غيره بالقطع المطلق.
7 - الدليل السابع
يشكله حقيقة كون الجملة "ولا يعلم تأويله إلا الله" هي في الأصل جملة إخبارية مضافة بين جملتين شبه مستقلتين ومترابطتين من حيث المضمون ومعطوفتين في الذكر تباعا
تقول أصول اللغة العربية الفصحى على مستوى التحرير أنه لو صدق الرأي الفقهي قولا بأن العطف هو بين الله سبحانه وبين الراسخين في العلم من حيث العلم بتأويل المتشابه لورد وقف بعد ذكرهم ولما تلاه قول يخصهم. أي لورد قوله سبحانه في صيغة جملة كاملة شبه مستقلة ولورد مضمونها كالتالي: "ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم". وأما وقد تلاه ذكر يخصهم(والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)، ويجعل كليهما يشكلان جملتين فعليتين من حيث أصلهما وكاملتين وشبه مستقلتين فيهما فاعل وفعل ومفعول به، فإنه لا يحق القول بتاتا بوجود ذاك العطف بينهما. أي أنه لا يمكن عطف شيء سابق على فاعل منتم إلى جملة فعلية كاملة تليه. بل العطف الذي يجوز وجوده في هذه الحالة هو بين هذه الجملة (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) وجملة من قبيلها شبه مستقلة كذلك وبينهما رابط معين. والجملة الموجودة في ذكره سبحانه وتشبهها وبينهما رابط هي الجملة إياها المعنية. أي هي قوله سبحانه: "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله". ولو نضع جانبا الجملة الإخبارية المضافة بينهما (ولا يعلم تأويله إلا الله) فمجموع ذكره سبحانه المعني يرد فيه: "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو لألباب".
8 - الدليل الثامن
يشكله التقابل الذي يذكره سبحانه بين الآيات المحكمات المفسرة بذاتها والتي هي تباعا من أم الكتاب وبين الآيات المتشابهات غير المفسرة بذاتها والتي هي تباعا ليست من أم الكتاب
فالله سبحانه يخبرنا من خلال هذا الذكر الكريم بأنه قد أنزل آيات محكمات هن أم الكتاب بمعنى أنها مفهومة بذاتها ومقروء فهمها الواحد بالنسبة لكل متمكن من القراءة والكتابة وللأميين كذلك عبر التلقي المسموع المنقول، وتشكل بذلك الهدي المنزل الذي يحتاج إليه العباد الثقلين في إمتحانهم الدنيوي. ويخبرنا سبحانه الحكيم من خلال هذا المفهوم بأن الآيات المتشابهات المنزلة أيضا في القرآن هي بالتقابل الآيات غير المفهومة بذاتها وغير المقروء فهمها، وأنها وهي بهذه الصفة ليست من الآيات التي تشكل أم الكتاب والهدي المنزل ولا يحتاج إلى فهمها العباد الثقلين متى ظلت محتفظة بصفتها المعنية، ولا ينقصهم تباعا عدم فهمها شيئا مما أوتوه ويحتاجون إليه. ويخبرنا سبحانه تباعا ضمنيا بأنه لما يظهر بيانها في أجله المقدر من لدنه هو الحكيم فإنها تصبح حينها في زمن المتلقين الثقلين من الآيات المحكمات ومن أم الكتاب.
والخلاصة تقول إذا أن هذا الدليل يخبر بأن الآيات المتشابهات هي الآيات غير المشروحة بذاتها وغير المقروء فهمها والمستحيل تأويلها تأويلا صحيحا من لدن البشر. وتقول تباعا أن القول الفقهي بأن الفقهاء و"العلماء
" لهم القدرة على تأويلها هو قول باطل كليا.
9 - الدليل التاسع
موجود في المدلول اللغوي لقوله سبحانه الحكيم : "يتبعون"
لا يحق القول في اللغة العربية الفصحى بهذا الفعل إلا بشأن الإملاء الذي يكون إما بصيغة الأمر أو بصيغة النصيحة أو بصيغة الإرشاد. وأما بشأن الأشخاص فنستعمل فعل "تبع". والذي يلقي بإملاء على طرف معين ويبتغي منه إتباعه دون زيغ عن مقصوده هو يعبر عنه بمضمون لغوي مفهوم وليس بمضمون فيه لبس ومحتمل فهمه على عدة أوجه. والله سبحانه ذو الكمال يريد أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ويريدنا يقينا أن نمشي فيه هو بذاته مستيقنين بفضل أزر أنوار وتعليمات الهداية التي يمدنا بها. وكل إملاء من لدنه سبحانه تحتويه هذه الهداية هو بالتالي إملاء مصاغ بمضمون لغوي مفهوم لا يحتمل إلا فهما واحدا مقروءا. وفي هذا يصب قوله سبحانه "آيات محكمات هن أم الكتاب". فهي آيات محكمات مفسرة بذاتها وبين إملاؤها للكل. ولم يدرج سبحانه الحكيم آياته المتشابهات ضمن أم الكتاب لأنها ليست موضوع هداية متى ظلت غير مفهومة، ولا تحمل تباعا إملاء أحاديا بينا مفهوما يستدعي إتباعه؛ ولا تحمل بالتالي أيها إملاء.
وبطبيعة الحال، فالخوض في تأويلها من باب الإحتمالات هو ممكن؛ لكن إدراك فهمها الصحيح يظل مستحيلا في غياب بيانها الرباني. وبذكره سبحانه "يتبعون ما تشابه منه" هو الحق يذكر أنهم يتبعون شروحاتهم المبتدعة التي أملت بها عليهم أهواؤهم بسب ما بهم من أمراض في القلب. وسبحانه لم يذكر بشأن الراسخين في العلم أنهم "لا يتبعون ما تشابه منه" لأنهم لا يخوضون أصلا في إبتكار الشروح له، وغير موجود منها لديهم ما يستحق إصدار هذا القول.
وبذكره سبحانه فعل "يتبعون" وعلى ضوء سياقه اللغوي الأحادي المذكر به فهو العزيز الحكيم قد أخبر ووضح مرة أخرى أن المتشابه من قرآنه يستحيل على البشر العلم بتأويله، وألغى بذلك تباعا وبالتمام والكمال مجال القول بإمكانية قدرة أحدهم على الإتيان بفهمه الصحيح.
10 - الدليل العاشر
يشكله قوله سبحانه بأن الآيات المحكمات هي أم الكتاب
الله رب العالمين يخبرنا بأن الآيات المحكمات تشكل أم الكتاب. وبهذا الوصف النعتي الموجز الحكيم يخبرنا إذا عز وجل جلاله بأن كل ما نحتاج إليه من هديه الجليل موجود على مستوى هذه الآيات وحدها وغير موجود على مستوى غيرها. ويطرح بالتالي منطق العقل من باب الحجة الأسئلة التالية:
لماذا الخوض أصلا في غير أم الكتاب من لدن الفقهاء و"العلماء" ؟؟؟
ما نفع الخوض في تأويل الآيات المتشابهات من لدنهم ؟؟؟
هل ذلك ليضيفوا الجديد إلى أم الكتاب ؟؟؟
فما معنى أم الكتاب إذا في نظرهم الخاص إن كان يحتاج إلى إضافة من لدنهم تجود بها قرائح عقولهم البشرية الضعيفة ؟؟؟
ولئن يصدق قولهم بأن لهم القدرة على تأويل المتشابه تأويلا صحيحا من خلال الآيات المحكمات والحديث مضيفين تباعا إلى أم الكتاب ما يتوصلون إليه من معلومات وهدي، ألا يكذبون بذلك ربهم سبحانه لدى أنفسهم ولدى كل المتلقين في الإخبار من لدنه عز وجل جلاله بأن آياته القرآنية المحكمات تشكل وحدها أم الكتاب؛ والعياذ بالله ؟؟؟
والحجة العاشرة يشكلها إذا مجموع هذه الأسئلة العقلانية المنطقية وقبيلها، والمعلوم الذي تستند إليه، وأجوبتها البينة. هي حجة ثاقبة تكفي وحدها أيضا للطعن بالنفاذ في مجموع تلك الإعتقادات الفقهية الأربعة وفروعها الكثيرة المعلومة.
11 - الدليل الحادي عشر
يشكله تناقض وارد في الرأي الفقهي وله مدلول سلبي في حق الله سبحانه
مضمون هذا الدليل يقول لو يصدق الرأي الفقهي القائل بأن بعضا من الآيات المتشابهات يمكن تأويلها من خلال الآيات المحكمات والحديث فذاك يعني إذا:
1 - أنها في الأصل من المحكمات ومن أم الكتاب وليست من المتشابهات ولا يعلم الله وحده تأويلها؛
2 - أن الله غير صادق فيما يخبر به عز وجل جلاله أو في قوله سبحانه تناقض، والعياذ بالله.
والخلاصة تقول إذا أن تلك الإعتقادات الفقهية الأربعة باطلة كلها بسند هذا التناقض الوارد في نفس الرأي الفقهي المذكور.
12 - الدليل الثاني عشر
يشكله تناقض آخر وارد في الرأي الفقهي وله أيضا مدلول سلبي في حق الله سبحانه
فمن المعلوم أن الرأي الفقهي:
1 - يقول من جهة أن بعضا من الآيات المتشابهات هي الممكن شرحها من خلال الآيات المحكمات والحديث وليس كلها؛
2 - ويقول من جهة أخرى أن واو العطف إياها هي عطف بين الله سبحانه وبين الفقهاء و"العلماء" من حيث العلم بتأويلها.
ومن المعلوم أيضا:
3 - أن الله يعلم تأويل كل المتشابه وليس فقط بعضه.
ومن المعلوم كذلك لغويا:
4 - أن العطف النحوي بين طرفين يكون دوما بشأن نفس الشيء وبشأن كله وليس بشأن بعضه؛
5 - وأن القول الفقهي بذاك العطف هو يعني إذا أنه عطف من حيث القدرة على تأويل كل المتشابه من القرآن وليس بعضه:
1* مادام المعطوف عليه بهذا الخصوص هو الله سبحانه؛
2* ومادام موضوع العطف هو هذه القدرة الشاملة التي هي لله سبحانه وليس بالقطع القدرة النسبية.
ولئن نأخذ بالرأي الفقهي وبغض النظر عن كونه لا يحق لغويا:
فموضوع العطف بينهم وبين ربهم سبحانه يصبح هو القدرة النسبية على تأويل المتشابه من القرآن، والعياذ بالله.
13 - الدليل الثالث عشر
تشكله مجموع الحقائق المظهرة في المقال رقم4 والتي تصب في موضوع البينات الإقناعية الربانية القرآنية
عنوان ورابط المقال:
4* المتشابه من القرآن هو ما ورد فيه من أنباء غيبي بيانها
https://aboukhalidsoulayman.ahlamontada.net/t222-topic
كلمة وتذكير:
هذا عرض آخر من بصائر القرآن والحق تذكيرا وبيانا.
فمن من عموم الناس ومن الفقهاء والعلماء يستطيع رد شيء من مجموع الحجج الربانية القرآنية المظهرة ؟؟؟
وأذكر هنا مرة أخرى بأصول النقد والطعن التي تملي بأن يطعن المدعي بالتوالي في كل حجة ويسقطها ويدلي في المقابل بحججه. مع التذكير بأن العجز في ذلك بشأن الحجة الواحدة كاف لإثبات صحة الحقائق المخبر بها. ومن لا يتبع هذه الأصول ويتجاهل بذلك الحجج الربانية القرآنية الوافرة المدلى بها من جانبي ويأتني بأقوال البشر الفقهاء والعلماء فنهجه غير عقلاني وغير منطقي ومن الباطل البين ولا يرتضيه الخالق سبحانه ويرتضيه ويشجع عليه بطبيعة الحال الغرور الغبي الملعون وأتباعه من الجن والإنس بالتعاقد أو بتوافق السعيين .
وأذكر كذلك بأن المجال غير مفتوح بتاتا لإلباس هذا التحدي قراءة سلبية يراد بها إيقاع ما يبتغيه ذاك الغبي الرجيم. فهو تحد طيب وعماد الغاية منه هو نصرة الحق المعلوم الذي تدركه جل العقول إن لم أقل كلها، وهو تباعا نصرة للحق سبحانه ودين الإسلام الحق والرسول الحق وأهل القرآن وباقي العباد الثقلين أجمعين عموما مبدئيا ضد ذاك العدو الواحد الملعون. بل التذكير الأصح يقول أن هذا التحدي هو في الأصل من عند الله الحق الغالب الذي لا يغلب؛ وأنه موجود قبيله الكثير في القرآن الكريم كما هو معلوم.
فليتقدم من يطعن فيما أدعيه وأبلغ به. وإن لا يفعل أحد وفقا لأصول النقد والطعن المذكر بها فتلك حجة أخرى على كون الحق معي وبجانبي علاقة بالموضوع المفتوح وتباعا علاقة بالكثير من المواضيع الأخرى التي تمته بصلة وثيقة.
إلى أهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
***** هام جدا وجاد جدا *****
"العلماء" ليسوا وحدهم الراسخين في العلم،
والمتشابه من القرآن قطعا لا يعلمون تأويله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ باسم الله الرحمان الرحيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
"هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب 7"
س. آل عمران.
ـــــــــــــــــــ صدق الله العظيم ـــــــــــــــــــ
يقول الرأي الفقهي كما هو معلوم أن الراسخين في العلم الوارد ذكرهم في هذه الآية الكريمة هم الفقهاء و"العلماء"؛ وأن لهم القدرة على تأويل المتشابه من القرآن؛ وأن دليل هذه القدرة يخبر بها الله قولا بأن واو العطف تعطفهم إليه سبحانه بشأن العلم بتأويله؛ وأن هذه القدرة ينفردون بها دون عموم الناس قولا بأن المتشابه يمكنهم تأويله من خلال الآيات المحكمات و"السنة" ماداموا هم أعلم بهما وبفهمهما الدقيق دون غيرهم.
وتقول الحقيقة أن جل هذا القول الفقهي باطل. فالراسخون في العلم ليسوا هم الفقهاء و"العلماء" حصرا ولا هم أجمعون منهم؛ والقدرة على تأويل المتشابه من القرآن لا يملكها أحد من البشر عموما؛ وواو العطف هي ليست عطفا بين الله وبين الراسخين في العلم من حيث العلم بتأويل هذا المتشابه؛ ومعنى المتشابه هو ليس كما يقول به الرأي الفقهي. وهذه الحقائق الأربع صحيحة بالمطلق وبسند 13 حجة دامغة وارد عشر منها في نفس الآية المعنية، ووارد منها حجتان ضمنيا في نفس مضمون الرأي الفقهي، والحجة الثالثة عشر هي مبينة في الكثير من الآيات القرآنية تذكيرا بما هو معلوم تاريخيا بشأن سنة تنزيل الذكر ومعروضة بتفصيل في المقال رقم4.
1 - الدليل الأول
يشكله التعريف الرباني الواضح بذاته للراسخين في العلم
الراسخون في العلم يعرف بهم الله عز وجل جلاله في تلك الآية على أنهم:
1 - الذين يقولون آمنا به كل من عند ربنا؛
2 - أولو الألباب الذين يذكرون آياته سبحانه وما أنزل من الحق؛
3 - الراسخون في العلم بما أوتوه من عنده سبحانه بدليل كونهم مؤمنين طائعين لا يزعزع إيمانهم القلبي شيء من عند الشيطان ولا يغيره المتشابه من القرآن الذي لا يفهمونه.
وأسألكم أيها القراء وأسأل من خلالكم أو مباشرة كل فقيه وعالم هذه الأسئلة المعلومة أجوبتها:
هل "العلماء" في الدين هم وحدهم من يقولون آمنا به كل من عند ربنا ؟؟؟
هل هم وحدهم المؤمنون بالله وبما أنزل من الحق عز وجل جلاله ؟؟؟
هل هم وحدهم أولو الألباب الذين يذكرون آيات الله والحق الذي بينه سبحانه تذكيرا ؟؟؟
الأجوبة الثلاثة كلها هي بالنفي القاطع بالمطلق وبطبيعة الحال.
والخلاصة تقول إذا أن الراسخين في العلم هم ليسوا فقط الفقهاء والعلماء ولا هم كلهم منهم ، وإنما هم عموما كل أهل القرآن المؤمنين بالله إيمانا ثابتا لا يزعزعه شيء من عند الشيطان وكذلك لا يغيره ما هو غير مفهوم بذاته في القرآن الكريم ؛ وأن المجال للقول بقدرة الفقهاء والعلماء على تأويل المتشابه من القرآن هو ملغى تباعا ؛ وأن هذا المتشابه هو الآيات القرآنية غير المشروحة بذاتها وغير المقروء فهمها ؛ وأن كل تعريف فقهي بشأنها مخالف لهذا التعريف الصحيح هو باطل مردود .
2 - الدليل الثاني
موجود في ذكره سبحانه التسمية النعتية "الراسخون"
فمعلوم أن الله لا يختار كلماته عبثا وأنه الحكيم دقيق في الإخبار لغويا بما يريد ويجعل الكلمة منه مبصرة غنية من حيث المضمون والدلالة والإملاء. ولئن يخص الرأي الفقهي "العلماء" في الدين بعبارة "أهل الذكر" باطلا أيضا كما هو موضح في المقال رقم1 والمقال رقم3 فسبحانه لم يستعملها في الآية الكريمة المعنية. وعلى القارئ أن يلاحظ كذلك أنه الحكيم لم يستعمل مثلا عبارة "العلماء في الدين" التي لا يرد ذكرها أصلا في القرآن كله، أو عبارة "العالمون بالذكر" أو عبارة "المتمكنون من العلم بالذكر" أو عبارة بمضمون من هذا القبيل. بل إستعمل سبحانه عبارة "الراسخون في العلم" التي تخبر ضمنيا بأن كل العباد الثقلين يعلمون جوهر الحق المذكر به في القرآن الذي سماه هو الحكيم عز وجل جلاله الذكر والتذكير والذكرى والتذكرة، وأنه منهم من يتبعونه كله ومنهم من يتبعون بعضه ومنهم من لا يتبعون منه إلا القليل أو دون ذلك وهم من الخاسرين. والذين يخصهم سبحانه بهذه العبارة دون غيرهم هم بطبيعة الحال المصدقون بالعلم من عند ربهم والصادقون تباعا في إيمانهم من خلال الفعل والعمل على أرض الواقع، والثابتون على هذا التصديق وهذا الصدق وهذا الإسلام العملي. وعلاقة بالموضوع المفتوح، هم الذين لا يزعزع عقيدتهم شيء من المتشابه من القرآن غير المعلوم لديهم تأويله وغير المفهوم تباعا. ودليل موقفهم هذا المحمود يخبر به سبحانه بقوله الحكيم: "يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب". أي أن هذا القول الرباني الجليل هو مرادف لقوله سبحانه "الراسخون في العلم" أو هو يوضحه ويشرحه. وكل من القولين الجليلين يجدان بالتقابل شرحا لهما ثالث يزيد في تثبيتهما وذلك في شخص مضمون قوله سبحانه الحكيم "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة". فهؤلاء زائغون فيما يعلمون ومكذبون به وعصاة بدليل كونهم يتبعون المتشابه من القرآن إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله؛ وهؤلاء في مقابلهم راسخون فيما يعلمون مصدقون مؤمنون طائعون بدليل كونهم يؤمنون بكل القرآن محكمه ومتشابهه سواء ولا يخوضون في إبتكار التأويلات للمتشابه منه.
والخلاصة تقول إذا أيها القارئ من أهل القرآن أن هذا القول الرباني الثلاثي الكريم الذي يشرح بعضه بتوافق تام لا ريب فيه يؤكد بالمطلق أن الفقهاء و"العلماء" هم ليسوا وحدهم الراسخين في العلم كما هو معتقد فقهيا ولا هم كلهم منهم. وتقول كذلك أن هذا الدليل يسقط تباعا قولهم بذاك المعنى للمتشابه من القرآن، وقولهم بقدرتهم على تأويله، وقولهم بذاك العطف النحوي.
3 - الدليل الثالث
يشكله ذكر في الآية لطرفين متقابلين من حيث رد الفعل إزاء المتشابه من القرآن
يذكر الله في تلك الآية طرفين من الناس متقابلين من حيث موقفهم من المتشابه من القرآن وحيث موقف أحدهما محمود وموقف الآخر مذموم:
1 - فالطرف الأول منهم يعرف بهم سبحانه على أنهم الذين في قلوبهم زيغ ويتبعون هذا المتشابه ويبتغون بذلك الفتنة من خلال تأويله حسب أهوائهم، وأنهم تباعا من الكافرين؛
2 - والطرف الثاني منهم يعرف بهم عز وجل جلاله على أنهم الراسخون في العلم الذين يقولون بشأن المتشابه "آمنا به كل من عند ربنا"، وأنهم أولو الألباب الذين يذكرون، وأنهم المؤمنون تباعا بكل ما أنزل سبحانه محكما ومتشابها سواء.
والخلاصة تقول في طرفها الأول أن هذين الطرفين وارد ذكرهما في الآية؛ وأنهما متقابلان من حيث موقفهما من المتشابه من القرآن؛ وأن موقف الطرف الأول مذموم ويتمثل في كونه يتبع المتشابه من القرآن إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله؛ وأن تقابلهما يقضي بتعميم نقيض موقف هذا الطرف على الطرف الثاني؛ وأن هذا النقيض يتمثل في عدم إتباع المتشابه وعدم محاولة تأويله. وتقول في طرفها الثاني تباعا أن مجال القول بقدرة البشر على فهم المتشابه من القرآن فهمه الصحيح هو ملغى بالتمام؛ وأن الذين لهم نقيض موقف ذوي الزيغ في قلوبهم هم كل أهل القرآن المؤمنين المطيعين المخلصين الذين ينعتهم سبحانه بالراسخين في العلم وبذوي الألباب؛ وأن هذا المتشابه يظل متشابها متى لم يظهر الله بيانه.
4 - الدليل الرابع
يشكله حقيقة إرتباط ذكر واو العطف بذكر الطرفين المتقابلين
فالطرفان المعنيان واضح إذا ذكرهما في قوله سبحانه. والذكر بالتوالي لهذين الطرفين المتقابلين من حيث موقفهما من المتشابه من القرآن يستلزم بالضرورة اللغوية ذكر واو العطف. وهذا دليل قاطع يؤكد أن العطف هو بين هذين الطرفين وليس بين الله والطرف الثاني من حيث العلم بتأويل الآيات المتشابهات.
5 - الدليل الخامس
موجود في شخص سياق ومدلول قول الراسخين في العلم الذي يخبرنا به العالم بما في الصدور
فهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا. وإيمانهم المذكور هو عموما بشأن القرآن كله، وهو بالذات أساسا بشأن المتشابه منه تبعا لسياق الآية في شخص ما سبق فيها من ذكر. وما يقولون ذلك إلا على أساس كون المتشابه لديهم يظل متشابها وغير مفهوم. ولو كانوا يعلمون تأويله لما جاز قولهم "آمنا به كل من عند ربنا" ولما أخبر به سبحانه الحق.
6 - الدليل السادس
يشكله قوله سبحانه الجامع بشأن المتشابه من قرآنه المجيد: "ولا يعلم تأويله إلا الله"
فسبحانه الحكيم، وبصريح العبارة، يخبرنا بأنه هو وحده من يعلم تأويل المتشابه من قرآنه المجيد. ومجموع الدلائل الأخرى تؤكد هذا المضمون الكريم بمفهومه الواحد الواضح البارز في الواجهة الأولى ولا تؤكد غيره بالقطع المطلق.
7 - الدليل السابع
يشكله حقيقة كون الجملة "ولا يعلم تأويله إلا الله" هي في الأصل جملة إخبارية مضافة بين جملتين شبه مستقلتين ومترابطتين من حيث المضمون ومعطوفتين في الذكر تباعا
تقول أصول اللغة العربية الفصحى على مستوى التحرير أنه لو صدق الرأي الفقهي قولا بأن العطف هو بين الله سبحانه وبين الراسخين في العلم من حيث العلم بتأويل المتشابه لورد وقف بعد ذكرهم ولما تلاه قول يخصهم. أي لورد قوله سبحانه في صيغة جملة كاملة شبه مستقلة ولورد مضمونها كالتالي: "ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم". وأما وقد تلاه ذكر يخصهم(والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)، ويجعل كليهما يشكلان جملتين فعليتين من حيث أصلهما وكاملتين وشبه مستقلتين فيهما فاعل وفعل ومفعول به، فإنه لا يحق القول بتاتا بوجود ذاك العطف بينهما. أي أنه لا يمكن عطف شيء سابق على فاعل منتم إلى جملة فعلية كاملة تليه. بل العطف الذي يجوز وجوده في هذه الحالة هو بين هذه الجملة (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) وجملة من قبيلها شبه مستقلة كذلك وبينهما رابط معين. والجملة الموجودة في ذكره سبحانه وتشبهها وبينهما رابط هي الجملة إياها المعنية. أي هي قوله سبحانه: "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله". ولو نضع جانبا الجملة الإخبارية المضافة بينهما (ولا يعلم تأويله إلا الله) فمجموع ذكره سبحانه المعني يرد فيه: "وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو لألباب".
8 - الدليل الثامن
يشكله التقابل الذي يذكره سبحانه بين الآيات المحكمات المفسرة بذاتها والتي هي تباعا من أم الكتاب وبين الآيات المتشابهات غير المفسرة بذاتها والتي هي تباعا ليست من أم الكتاب
فالله سبحانه يخبرنا من خلال هذا الذكر الكريم بأنه قد أنزل آيات محكمات هن أم الكتاب بمعنى أنها مفهومة بذاتها ومقروء فهمها الواحد بالنسبة لكل متمكن من القراءة والكتابة وللأميين كذلك عبر التلقي المسموع المنقول، وتشكل بذلك الهدي المنزل الذي يحتاج إليه العباد الثقلين في إمتحانهم الدنيوي. ويخبرنا سبحانه الحكيم من خلال هذا المفهوم بأن الآيات المتشابهات المنزلة أيضا في القرآن هي بالتقابل الآيات غير المفهومة بذاتها وغير المقروء فهمها، وأنها وهي بهذه الصفة ليست من الآيات التي تشكل أم الكتاب والهدي المنزل ولا يحتاج إلى فهمها العباد الثقلين متى ظلت محتفظة بصفتها المعنية، ولا ينقصهم تباعا عدم فهمها شيئا مما أوتوه ويحتاجون إليه. ويخبرنا سبحانه تباعا ضمنيا بأنه لما يظهر بيانها في أجله المقدر من لدنه هو الحكيم فإنها تصبح حينها في زمن المتلقين الثقلين من الآيات المحكمات ومن أم الكتاب.
والخلاصة تقول إذا أن هذا الدليل يخبر بأن الآيات المتشابهات هي الآيات غير المشروحة بذاتها وغير المقروء فهمها والمستحيل تأويلها تأويلا صحيحا من لدن البشر. وتقول تباعا أن القول الفقهي بأن الفقهاء و"العلماء
" لهم القدرة على تأويلها هو قول باطل كليا.
9 - الدليل التاسع
موجود في المدلول اللغوي لقوله سبحانه الحكيم : "يتبعون"
لا يحق القول في اللغة العربية الفصحى بهذا الفعل إلا بشأن الإملاء الذي يكون إما بصيغة الأمر أو بصيغة النصيحة أو بصيغة الإرشاد. وأما بشأن الأشخاص فنستعمل فعل "تبع". والذي يلقي بإملاء على طرف معين ويبتغي منه إتباعه دون زيغ عن مقصوده هو يعبر عنه بمضمون لغوي مفهوم وليس بمضمون فيه لبس ومحتمل فهمه على عدة أوجه. والله سبحانه ذو الكمال يريد أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ويريدنا يقينا أن نمشي فيه هو بذاته مستيقنين بفضل أزر أنوار وتعليمات الهداية التي يمدنا بها. وكل إملاء من لدنه سبحانه تحتويه هذه الهداية هو بالتالي إملاء مصاغ بمضمون لغوي مفهوم لا يحتمل إلا فهما واحدا مقروءا. وفي هذا يصب قوله سبحانه "آيات محكمات هن أم الكتاب". فهي آيات محكمات مفسرة بذاتها وبين إملاؤها للكل. ولم يدرج سبحانه الحكيم آياته المتشابهات ضمن أم الكتاب لأنها ليست موضوع هداية متى ظلت غير مفهومة، ولا تحمل تباعا إملاء أحاديا بينا مفهوما يستدعي إتباعه؛ ولا تحمل بالتالي أيها إملاء.
وبطبيعة الحال، فالخوض في تأويلها من باب الإحتمالات هو ممكن؛ لكن إدراك فهمها الصحيح يظل مستحيلا في غياب بيانها الرباني. وبذكره سبحانه "يتبعون ما تشابه منه" هو الحق يذكر أنهم يتبعون شروحاتهم المبتدعة التي أملت بها عليهم أهواؤهم بسب ما بهم من أمراض في القلب. وسبحانه لم يذكر بشأن الراسخين في العلم أنهم "لا يتبعون ما تشابه منه" لأنهم لا يخوضون أصلا في إبتكار الشروح له، وغير موجود منها لديهم ما يستحق إصدار هذا القول.
وبذكره سبحانه فعل "يتبعون" وعلى ضوء سياقه اللغوي الأحادي المذكر به فهو العزيز الحكيم قد أخبر ووضح مرة أخرى أن المتشابه من قرآنه يستحيل على البشر العلم بتأويله، وألغى بذلك تباعا وبالتمام والكمال مجال القول بإمكانية قدرة أحدهم على الإتيان بفهمه الصحيح.
10 - الدليل العاشر
يشكله قوله سبحانه بأن الآيات المحكمات هي أم الكتاب
الله رب العالمين يخبرنا بأن الآيات المحكمات تشكل أم الكتاب. وبهذا الوصف النعتي الموجز الحكيم يخبرنا إذا عز وجل جلاله بأن كل ما نحتاج إليه من هديه الجليل موجود على مستوى هذه الآيات وحدها وغير موجود على مستوى غيرها. ويطرح بالتالي منطق العقل من باب الحجة الأسئلة التالية:
لماذا الخوض أصلا في غير أم الكتاب من لدن الفقهاء و"العلماء" ؟؟؟
ما نفع الخوض في تأويل الآيات المتشابهات من لدنهم ؟؟؟
هل ذلك ليضيفوا الجديد إلى أم الكتاب ؟؟؟
فما معنى أم الكتاب إذا في نظرهم الخاص إن كان يحتاج إلى إضافة من لدنهم تجود بها قرائح عقولهم البشرية الضعيفة ؟؟؟
ولئن يصدق قولهم بأن لهم القدرة على تأويل المتشابه تأويلا صحيحا من خلال الآيات المحكمات والحديث مضيفين تباعا إلى أم الكتاب ما يتوصلون إليه من معلومات وهدي، ألا يكذبون بذلك ربهم سبحانه لدى أنفسهم ولدى كل المتلقين في الإخبار من لدنه عز وجل جلاله بأن آياته القرآنية المحكمات تشكل وحدها أم الكتاب؛ والعياذ بالله ؟؟؟
والحجة العاشرة يشكلها إذا مجموع هذه الأسئلة العقلانية المنطقية وقبيلها، والمعلوم الذي تستند إليه، وأجوبتها البينة. هي حجة ثاقبة تكفي وحدها أيضا للطعن بالنفاذ في مجموع تلك الإعتقادات الفقهية الأربعة وفروعها الكثيرة المعلومة.
11 - الدليل الحادي عشر
يشكله تناقض وارد في الرأي الفقهي وله مدلول سلبي في حق الله سبحانه
مضمون هذا الدليل يقول لو يصدق الرأي الفقهي القائل بأن بعضا من الآيات المتشابهات يمكن تأويلها من خلال الآيات المحكمات والحديث فذاك يعني إذا:
1 - أنها في الأصل من المحكمات ومن أم الكتاب وليست من المتشابهات ولا يعلم الله وحده تأويلها؛
2 - أن الله غير صادق فيما يخبر به عز وجل جلاله أو في قوله سبحانه تناقض، والعياذ بالله.
والخلاصة تقول إذا أن تلك الإعتقادات الفقهية الأربعة باطلة كلها بسند هذا التناقض الوارد في نفس الرأي الفقهي المذكور.
12 - الدليل الثاني عشر
يشكله تناقض آخر وارد في الرأي الفقهي وله أيضا مدلول سلبي في حق الله سبحانه
فمن المعلوم أن الرأي الفقهي:
1 - يقول من جهة أن بعضا من الآيات المتشابهات هي الممكن شرحها من خلال الآيات المحكمات والحديث وليس كلها؛
2 - ويقول من جهة أخرى أن واو العطف إياها هي عطف بين الله سبحانه وبين الفقهاء و"العلماء" من حيث العلم بتأويلها.
ومن المعلوم أيضا:
3 - أن الله يعلم تأويل كل المتشابه وليس فقط بعضه.
ومن المعلوم كذلك لغويا:
4 - أن العطف النحوي بين طرفين يكون دوما بشأن نفس الشيء وبشأن كله وليس بشأن بعضه؛
5 - وأن القول الفقهي بذاك العطف هو يعني إذا أنه عطف من حيث القدرة على تأويل كل المتشابه من القرآن وليس بعضه:
1* مادام المعطوف عليه بهذا الخصوص هو الله سبحانه؛
2* ومادام موضوع العطف هو هذه القدرة الشاملة التي هي لله سبحانه وليس بالقطع القدرة النسبية.
ولئن نأخذ بالرأي الفقهي وبغض النظر عن كونه لا يحق لغويا:
فموضوع العطف بينهم وبين ربهم سبحانه يصبح هو القدرة النسبية على تأويل المتشابه من القرآن، والعياذ بالله.
13 - الدليل الثالث عشر
تشكله مجموع الحقائق المظهرة في المقال رقم4 والتي تصب في موضوع البينات الإقناعية الربانية القرآنية
عنوان ورابط المقال:
4* المتشابه من القرآن هو ما ورد فيه من أنباء غيبي بيانها
https://aboukhalidsoulayman.ahlamontada.net/t222-topic
كلمة وتذكير:
هذا عرض آخر من بصائر القرآن والحق تذكيرا وبيانا.
فمن من عموم الناس ومن الفقهاء والعلماء يستطيع رد شيء من مجموع الحجج الربانية القرآنية المظهرة ؟؟؟
وأذكر هنا مرة أخرى بأصول النقد والطعن التي تملي بأن يطعن المدعي بالتوالي في كل حجة ويسقطها ويدلي في المقابل بحججه. مع التذكير بأن العجز في ذلك بشأن الحجة الواحدة كاف لإثبات صحة الحقائق المخبر بها. ومن لا يتبع هذه الأصول ويتجاهل بذلك الحجج الربانية القرآنية الوافرة المدلى بها من جانبي ويأتني بأقوال البشر الفقهاء والعلماء فنهجه غير عقلاني وغير منطقي ومن الباطل البين ولا يرتضيه الخالق سبحانه ويرتضيه ويشجع عليه بطبيعة الحال الغرور الغبي الملعون وأتباعه من الجن والإنس بالتعاقد أو بتوافق السعيين .
وأذكر كذلك بأن المجال غير مفتوح بتاتا لإلباس هذا التحدي قراءة سلبية يراد بها إيقاع ما يبتغيه ذاك الغبي الرجيم. فهو تحد طيب وعماد الغاية منه هو نصرة الحق المعلوم الذي تدركه جل العقول إن لم أقل كلها، وهو تباعا نصرة للحق سبحانه ودين الإسلام الحق والرسول الحق وأهل القرآن وباقي العباد الثقلين أجمعين عموما مبدئيا ضد ذاك العدو الواحد الملعون. بل التذكير الأصح يقول أن هذا التحدي هو في الأصل من عند الله الحق الغالب الذي لا يغلب؛ وأنه موجود قبيله الكثير في القرآن الكريم كما هو معلوم.
فليتقدم من يطعن فيما أدعيه وأبلغ به. وإن لا يفعل أحد وفقا لأصول النقد والطعن المذكر بها فتلك حجة أخرى على كون الحق معي وبجانبي علاقة بالموضوع المفتوح وتباعا علاقة بالكثير من المواضيع الأخرى التي تمته بصلة وثيقة.
-----------------------------------
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب"
صدق الله العظيم
أبوخالد سليمان،
الحجيج بالقرآن والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يقولون به ويبلغون به على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
------------------------------------
أنصروا الله لصالح أنفسكم وكل الناس ولا تناصروا رزمة من الناس والشيطان ضد الله وأنفسكم وكل الناس
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب"
صدق الله العظيم
أبوخالد سليمان،
الحجيج بالقرآن والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يقولون به ويبلغون به على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
------------------------------------
أنصروا الله لصالح أنفسكم وكل الناس ولا تناصروا رزمة من الناس والشيطان ضد الله وأنفسكم وكل الناس