.
ــــــــــ منقول من موقعي التبليغي البياني الأول ـــــــــــ
المقال رقم37
إلى إهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
*****هام جدا وجاد جدا *****
تجريم الإفتاء أم تجريم الفقهاء ؟؟؟
في مصر ، معروض الآن للدراسة مشروع قانون يقضي بتجريم الإفتاء الصادر من لدن غير الأكفاء . والأقرب لليقين أن هذا القانون ستتبناه هذه الدولة ودول أخرى من دول الشرق الأوسط حيث هذه الظاهرة متفاقمة أكثر مما في غيرها . وفي مقابل هذا الإجراء تطرح الكثير من الأسئلة العقلانية المنطقية من باب التخمين بشأن خلفيات القول بالحاجة إليه وتباعا بشأن مدى صواب منطقه وجدواه ونفعه وبشأن سلبياته ومساوئه وأخطاره:
- 1 -
أسئلة عقلانية منطقية والأجوبة عنها معلومة وتفصل في القضية المطروحة:
ما الذي قوم في الأصل ولادة هذه الظاهرة الغريبة وتفاقمها المسترسل ؟؟؟
من المدان في الواجهة ؟؟؟
وهل قانون تجريم الإفتاء سيخلص من هذه الظاهرة ؟؟؟
أليس التدخل بهذا الإجراء الغريب بدوره هو في الأصل تدخل ضد أعراض المرض وليس ضد المرض ؟؟؟
ومن سنمنحه بهذا القانون الحق في الإفتاء ومن سنمنعه ؟؟؟
هل سنجيز ذلك لكل الفقهاء والعلماء الذين كثر عددهم في زمننا وقل نفعهم إلى حد العدم ونمنع غيرهم عموما ، أم سنستقي منهم البعض ونعلن في المقابل للناس بذلك ضمنيا بقيمة الصريح أن غيرهم ليسوا فقهاء ولا علماء رغم أنهم حاصلون على إجازاتهم الفقهية المختلفة أنواعها ؟؟؟
ومن من الفقهاء و"العلماء" سيقبل بأن يمنع من الإفتاء وأن تقيم كفاءته بذلك سلبيا رسميا وعلانية وأن ينقص من مقامه تباعا ؟؟؟
ومن المؤهل لتقييم كفاءة الفقيه أو العالم وأهليته لنيل إجازة الحق في الإفتاء ؟؟؟
ألن يفسر هذا الإجراء من لدن الكثير من الجهات داخل ديار أهل القرآن وخارجها على أنه زيادة في تسييس الدين من لدن أنظمتهم وفقا لمصالحها أو زيادة في محاصرته بإملاء نفس الغرض قولا بمعاداة الدين ؟؟؟
ألسنا في غنى عما يزيد في تقويم فتننا الكثيرة المختلقة تقويما آخر ثقيلا ؟؟؟
وكيف يمكن عموما ضبط جرم الإفتاء غير "القانوني" أو غير "الشرعي" ؟؟؟
كيف يمكن مثلا التفريق بين إبداء الرأي من باب حرية التعبير مثلا خوضا في الدين وبين الإفتاء فيه ؟؟؟
وما هي المعايير إذا التي ستمكن من ضبظ جرم الإفتاء ؟؟؟
هل سلطة الفتوى لدى الناس هي بقدر ما للمفتي بها من صلاحية تخصصية دبلومية ، أم هي بقدر أهليته ومدى الإقبال عليه ، أم هي في الأصل كله بقدر ما له من العلم الصحيح بنور وهدي القرآن وهدي القدوة النبوية الشريفة وأيضا بقدر إلمامه بخصائص الزمن والعصر على إختلاف أنواعها وأبعادها محليا وعالميا تجعله من العالمين المبصرين ؟؟؟
أليس نفاذ الفتوى من حيث العمل بها عقلا أو قلبا كذلك هو مقيد عموما أصلا بفاعلية خليقة العقل الربانية التي هي واحدة في الأصل لدى كل الناس ، ومقيد تباعا كذلك على مستوى جودة أداء هذا العنصر الخلقي الحي بمدى الوعي الفكري لدى المتلقي والذي تقويمه هو مجموع المعارف التنويرية التوعوية المتميز بها زمنه والتي أجلها وأعظمها فاعلية هي معارف الذكر المخلص المنزل ؟؟؟
أليس فقر الجودة على مستوى هذا الوعي هو أساسا من ضمن الخلل السببي في ولادة الظاهرة إياها وفي تقويم يسر نفاذ السيء منها في حياة الناس ؟؟؟
ألا يردنا كذلك هذا الفقر إلى التساؤل عن مدى صحة المبلغ به من لدن الفقهاء و"العلماء" على أنه هو نور وهدي الذكر المخلص ؟؟؟
وإن تاريخ أهل القرآن المعلوم ليجيب عن كل الأسئلة المذكورة أعلاه التي تستدعي الأجوبة . وإن أجوبتها لمعروضة كلها في مقالاتي التبليغية. وكذلك قد شكل هذا التاريخ أحد المراجع المعتمدة في المبلغ به سواء كمادة إخبارية أو كمادة بيانية تأكيدية. وتلك الظاهرة هي بطبيعة الحال جزء من طرفه الحديث والمعاصر. وفي التالي جرد لملخص المحطات التاريخية في زمن القرآن التي تحمل كفاية الأجوبة عن تلك الأسئلة:
1 - القول بأن الإختلاف بين "العلماء" في فهم القرآن رحمة بدعوى أنه بحر من المعرفة والأسرار وعسير عموما في الفهم وخاصة بالنسبة لعموم الناس.
2 - هيمنة وساطة الفقهاء و"العلماء" حجابا بين جمهور أهل القرآن وبين هذا الكتاب المجيد و"الحديث" أيضا وذلك منذ وفاة النبي (ص) . فقد آمنا نحن جمهور أهل القرآن بأنه من الدين والطاعة لله أن نتبعهم بدون جدال فيما فهمومه من القرآن وفيما صادقوا عليه من "الأحاديث" المجموعة وفيما أفتوا به من شروح وآراء ونظريات وأحكام وفتاوى .
3 - ولادة موروث فقهي ولود يتعاظم حجمه على مدى الزمان وفي كل زمن ، وحيث من أساس تقويم خصوبته القول بشرعية ذاك الإختلاف والبحث اللامنتهي عن صحيح الفهم تباعا. وقد ظلت إنتاجيته تضيف المزيد من الإختلاف والمزيد من المتاهات والمزيد تباعا من تقويم خصوبته. ولما تراكم حجم الإختلاف في زمننا وترسخ عميقا في المعتقد وكأنه من الثوابت في الدين وتفقهنا فيه كثيرا من كل جانب جعلناه علما سميناه "فقه الإختلاف".
4 - إضافة ما جاد به الفقهاء و"العلماء" السابقون من فهم خاص في الدين إلى المرجع الأصلي فصار مرجعنا تبعا للتعبير الفقهي هو "القرآن والسنة حسب فهم السلف". أي أننا نتبع نور وهدي الله حسب فهم السلف ؛ أي من خلال عقول السلف وليس من خلال عقولنا ولا من خلال فهمه الواحد الذي تدركه وتستيقنه كل العقول .
5 - ولادة وشيعة التفرقة في الدين كنتيجة حتمية لذاك الإختلاف الخصيب . وقد تسببت هذه التفرقة في وقوع باقي أنواع التفرقة المجتمعية ، وأذهبت تباعا ريح أهل القرآن . فهي قد ظهرت بعد وفاة النبي (ص) ، وظلت تتطور وترقى على مدى الزمان ، وظل الرقي يشمل حدتها وجودة إنتاجيتها وجودة منتجاتها. وفي مقابل القول في زمننا ب"فقه الإختلاف" يمكن القول إذا بوجود "فقه التفرقة". وقريبا سنعترف وسنقر كذلك بوجود هذا الفقه رسميا وسنفعل ذلك على أنه كذلك من الإيجابيات ومن الفكر السامي.
6 - مرارة حال أمة أهل القرآن أجمعين على أرض الواقع في زمننا ومنذ قرون . ملخصها تفرقة وفتنة وتخلف وفقر من كل جانب وذل واستذلال من لدن الأقوياء الظاهرين. وقد فضح هذا الحال كل ما إجتهدنا في ستره . والفضح هو بطبيعة الحال بشأن كفاءة الفقهاء و"العلماء" وبشأن ما جادت به قريحتهم العقلية الفكرية ويبلغون به على أنه من عند الله.
وأصل الخلل كله وفروعه هو إذا بارز كفاية من خلال عناوين هذه المحطات التاريخية المعبرة كما تعبر المؤشرات البيانية الإخبارية :
القول بأن الإختلاف بين العلماء في فهم القرآن رحمة – حجاب وساطة الفقهاء و"العلماء" بين جمهور الناس وبين هذا الكتاب المجيد وموضوع الدين عموما تباعا – ولادة فقه ولود – القول بفقه الإختلاف – القول بمرجع "القرآن والسنة حسب فهم السلف" – شيعة التفرقة في الدين – مرارة حال أهل القرآن أجمعين .
وخلاصة التعليق لو نحصره في حدود هذه العناوين ونغض الطرف عن التفاصيل تقول:
موجود ترابط تسلسلي بين هذه المحطات ؛ ولا منطق موجود على مستوى كلها ؛ والعيب كله هو كامن في أولها ؛ ويخبر هذا العيب بأن فهم السلف هو مغلوط جله. والسلف الذين تقع عليهم المسؤولية دون غيرهم هم الفقهاء و"العلماء" الذين جاءوا بعد أجدادنا الأوائل إبتداء من النصف الثاني من القرن الهجري الثاني وجمعوا "الأحاديث" وصنفوها وأفتوا في الدين بالآراء والشروح والنظريات والأحكام والفتاوى وأنتجوا بذلك أول الموروث الفقهي "المقدس" الخصيب الذي ظل يتوسع على مدى الزمان وصار في زمننا بحرا لا حدود له .
- 2 -
ماذا إذا عن ظاهرة موضة الإفتاء باعتبار سياقها التاريخي والظرفي المذكر به ؟؟؟
قد إختلف إذا الفقهاء و"العلماء" في فهم القرآن وظلوا يختلفون ؛ واختلافهم هو مازال قائما في زمننا حيث هو قد صار فيه عظيما بفعل تراكمه وأيضا بحكم طابقه الذي زال ستاره وصار مفضوحا في هذا الزمن المتميز باتساع تطوره العلمي والحضاري ، وبتداخل المصالح بين الدول وكثرة المطامع فيما بينها وكثرة المشاكل تباعا ، وبتعقد المعيشة الإجتماعية والمجتمعية في ظل كثرة المغريات التي تفسد الأخلاق . وبهذا الإختلاف وفي ظله فتح الباب على مصراعيه للإفتاء ول"موضة" الإفتاء.
وليس الإفتاء فقط في النوازل وإنما هو أساسا إفتاء من باب الظن ب"الصحيح" من الفهم والشروح والأحكام بشأن القرآن وكذلك بشأن "الحديث" وقصصه وبشأن فهم السلف تباعا. وجل هذا المنتوج المضاف هو للأسف من أجل دعم فهم السلف ودعم مصداقيته التي تهاوت جلها لدى الناس المتلقين . وما أفلح الفقهاء باجتهاداتهم هذه التي لم تغير من الوضع شيئا وإنما زادته تعقيدا وعقدا ؛ وما يمكنهم أن يفلحوا بها أصلا بحكم أساساتها غير السليمة. ففتح الباب بالتالي لكل من دب وهب من المتطفلين وغيرهم ليلقي بدلوه لعله يصيب أو يصيب مآربه. وقد وضحت في مقال وبالحجج البيانية صنيع إبليس بالفقهاء و"العلماء" وبنطاق تخصصه الحق الجليل . فقد جعلهم لا يقربون صحيح تقويم كفاءتهم المطلوبة ؛ وجعلهم ضعاف الثقة بكفاءتهم المحصلة خارجه ؛ وجعلهم رغما عنهم يخوضون بهذه الكفاءة في أدنى درجات سلم مجال المعرفة بالدين الذي هو في الأصل مجال الكل ؛ وجعلهم يبحرون كثيرا في اللامنطق ويقترفون فيه بحرا من الأخطاء التي تزيد في إنقاص جدوى الإستماع إليهم والأخذ بشروحهم وآرائهم ونظرياتهم وفتاويهم وأحكامهم ؛ وجعل إثبات كفاءتهم لقبيلهم وللناس هو همهم المهيمن فصار البحث لديهم عن الشهرة غاية تشكل لديهم ملاذ راحة نفسية ومادية أيضا ، وجعل بالتالي سبيل منافستهم فيما يخوضون فيه هينا لدى كل من يرغب فيها من جمهور الناس.
- 3 -
من معضلتنا العظمى بجهلنا العظيم في الدين أننا صرنا لا ندري ما الفتوى
فالسؤال أو الإستفسار نسميه فتوى ، والجواب عن السؤال أو الإستفسار نسميه فتوى . والرأي نسميه فتوى ، والإخبار بالشيء الموجود ويجهله البعض نسميه فتوى . وفي قناة مشهورة نشر أهلها مفتخرين جردا عدديا يقولون فيه أنهم قد أصدروا 3800 فتوى ردا على أسئلة واستفسارات الناس عددها بنفس هذا العدد ، وأنهم عازمون على المضي قدما في إصدار المزيد . لكن أصل الحقيقة يقول أنهم أصدروا فقط أجوبة عن أسئلة واستفسارات وليس فتاوى . وقد راسلتهم منبها إلى إقترافهم هذا الخلط ، ولم يعيروا هذا التنبيه أيها إعتبار وظلوا يصرحون بما لا يحق التصريح به. وقد وضحت لهم في رسالتي أنهم بذاك التصريح يطعنون علانية في كمال الله عموما وفي صنع قرآنه. فالله كما يعلمون يقول أنه قد أنزل لنا القرآن إماما منيرا هاديا في كل شيء وأنه سبحانه قد بين وفصل فيه تبيان كل شيء وأتانا فيه من كل شيء مثلا ؛ وهم في المقابل يصرحون بأن الله أغفل عن 3800 حالة وأنهم عازمون على إظهار المزيد من قبيلها . والعياذ بالله .
هذا إذا مبلغنا من الجهل العظيم في الدين ، وهذا بيان ناطق صارخ بشأنه.
ومادمنا قد إستبدلنا مفهوم الفتوى بغيره المتسع إتساعا عظيما وجعلنا تباعا جل قول الناس فتاوى فالكل سيجرم إذا ويعاقب . فكل من يخض في الدين سيجرم ويعاقب لما يجب عن سؤال أو إستفسار أو لما يعبر عن رأيه أو لما يخبر بشيء مما علم ومعلوم في الأصل أو لما يستنكر باطلا بينا !!!
- 4 -
باعتبار مجموع ما ذكر تذكيرا ، هل نجرم الإفتاء أم نجرم الفقهاء ؟؟؟
الجواب بين لكل ذي عقل سليم وعيه. ومن يقول بتجريم الإفتاء دون الفقهاء و"العلماء" فرد فعله هذا تشبيها هو كمن يجرم القنبلة لما توقع القتلى والدمار ظلما ولا يجرم من فجرها أو أقله من صنعها.
- 5 -
قريبا جدا ستزول الحاجة إلى تجريم الإفتاء وسيجرم الفقهاء و"العلماء" مدانين تجريما عظيما ؛ والذي سيجرمهم هو الله وجمهور الناس تباعا
للضرورة القسوى أعود يا أهل القرآن إلى موضوع قضيتي التبليغية الجليلة لعل شيئا من الفرج يقع سبيلا لوقوعه كله كما هي مشيئته سبحانه التي خول لنا نحن أهل القرآن وأهل التبليغ أمانة تعفيل تقويمها الخلقي والمنزل. أعود لأقول قول اليقين أنه قريبا جدا سيعلم كل العباد الثقلين بجوهر نور القرآن المظهر في رسالتي التبليغية والمغيب جله إن لم أقل كله من العلم الفقهي الموروث . قريبا ستقول رسالة القرآن كل كلماتها الربانية التامات في العباد الثقلين أجمعين ، وستنفذ إلى عقولهم أجمعين وإلى قلوب أغلبهم أقله في الوهلى الأولى قصرا وليس حصرا . قريبا سيتلمسون الحقيقة الربانية المطلقة التي تقول أن الله قد بين وفصل فعلا تبيان كل شيء في القرآن وأتانا فيه من كل شيء مثلا تبصرة وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين . قريبا بحضرة هذا النور الرباني الجليل ستسقط لديهم كل الأحجبة الشيطانية المختلقة على إختلاف أنواعها وأشكالها وألوانها علاقة بموضوع الدين عموما وعلاقة بموضوع دين الإسلام خاصة وعلاقة بموضوع إمتحان الحياة الدنيا تباعا ؛ وسيجدون فيه كل الأجوبة عن أسئلتهم المعلقة وحلول كل ألغازهم المحيرة علاقة بهذه المواضيع وفروعها. وكذلك ستزول في الوهلة الأولى أغلب الأوضاع الخلافية المختلقة محليا وعالميا وخاصة منها القائمة في ظل ما نسميه "صراع الأديان" و"صراع الحضارات" ، وسيزول تباعا طرف آخر من العوامل الدخيلة التي تقوم إزدهار ظاهرة وموضة الإفتاء . قريبا سيعلم العباد الثقلين بصحيح تعريف دين الإسلام المغيب كله من العلم الفقهي الموروث ومن علمهم أجمعين تباعا، وسيعلمون في شخصه كفايته مدى عظمته. قريبا سيظهر دين الحق على الدين كله وسيعتنق هدي القرآن أغلب العباد الثقلين في الوهلة الأولى قصرا وليس حصرا . وعند وقوع هذا الظهور سيزول طرف آخر من تلك الأوضاع الخلافية وسيزول طرف آخر من العوامل التي تقوم إزدهار ظاهرة وموضة الإفتاء.
وكذلك تباعا وبطبيعة الحال ستسقط بحضرة جوهر النور الرباني القرآني الجليل المظهر حصيلة وافرة من المعتقدات والآراء والشروح والفتاوى والأحكام الفقهية المنسوبة لله باطلا . بل ستسقط جلها ؛ وستسقط عفويا تباعا جل المجلدات والكتب الفقهية على إختلاف أنواعها . وسيتبين للناس العالمين مدى عظمة تقصيرنا في تدبر القرآن المجيد نحن أهل القرآن وأهل التبليغ وفي مقدمتنا الفقهاء و"العلماء" ، ومدى عظمة كفرنا بالمعلوم خلقة واكتسابا وبالمعلوم قرآنا ، ومدى عظمة معاصينا لله في نصائحه وأوامره القرآنية الجليلة الواضحة المعلومة جلها إن لم أقل كلها ، ومدى ظلمنا لدين الإسلام دون غيرنا من الناس ، ومدى مسؤوليتنا الخالصة في حرمان العباد الثقلين من خلاصهم الرباني الجليل المنزل ، ومدى عظمة ضراوة هذا الحرمان وعظمة الخسائر التي تسببنا لهم فيها بعده والتي منها إجمالا مسار جاهليتنا "الحضارية" ومسار الدمار الذاتي الشامل المكتسب في ظلها تباعا.
من خلال ذاك الجوهر سيضع الله إذا الفقهاء و"العلماء" أجمعين في قفص الإدانات والتجريم وسيكون الناس في مقابلهم الطرف المتضرر وشهودا في نفس الآن وحكاما أيضا لا ينطقون ضدهم إلا بنفس ما قضى به هو الحق رب العالمين وواضح منطقه الحق وعدله كوضوح الشمس في سماء زرقاء بدون غيوم . وللسابقين منهم الكثير من العذر بطبيعة الحال والوعد الرباني بالمغفرة . وللأحياء منهم الذين لا يعلمون بقضيتي التبليغية الجليلة الحثيث من العذر بحكم إختلاف زمننا عن زمنهم من حيث وفرة الميسرات فيه التي تيسر الفلاح التام في مهمة تدبر القرآن وأمانة التبليغ ، والوعد كذلك بالمغفرة من لدنه سبحانه هو الغفور الرحمان الرحيم . ولا عذر للأحياء منهم الذين علموا بها وتلقوا الحق الرباني القرآني المتسع المظهر والتزموا الصمت التام . بل هم بصمتهم يثبتون أنه ليسوا بفقهاء ولا علماء وليسوا من المؤمنين المتقين المخلصين . هم قد أثبتوا أنهم من الذين نعتهم الله بأنهم صم بكم عمي كافرون لا يعقلون ومن خدام إبليس وأعداء له سبحانه ودينه الحق ورسوله (ص) وأعداء لأهل القرآن والعباد الثقلين عموما.
وباعتبار ما ذكر تبشيرا ، من المؤهل لقبول تلك الإدانات الربانية الكثيرة العظيمة الجليلة وتلك الخسارات بحضرتها ؟؟؟
لا يقبل بها بطبيعة الحال إلا الفقيه أو العالم المؤمن التقي المخلص بجودة عالية.
فطبيعي في ظل جاهليتنا "الحضارية" أن لا يرد علي إلى حد الآن وعلى مدى أربع سنين فقيه أو عالم مستجيبا مطيعا. طبيعي أن لا يخشى هؤلاء ربهم وأن تغلب عليهم المصلحة الذاتية غير الحلال على حساب مصالح الغير الذين هم كل العباد الثقلين غيرهم عموما. طبيعي أن لا يقبلوا بسقوط سمعتهم الفقهية لدى الناس وخسارة منافعهم تباعا بحضرة نور الله القرآني المخلص الذي يفضح عيوبهم ودناءة أدائهم وعطائهم من مقام تخصصهم الجليل المدعى أنهم أهل له. طبيعي أن لا يقبلوا بظهور هذا النور الجليل للناس . طبيعي أن تخفق قلوبهم خوفا وتخوفا من هذا القادم الموعود وعيدا بالحق . طبيعي في ظل جاهليتنا "الحضارية" أن يصبح البحث عن الفقيه أو العالم المؤمن التقي المخلص المؤهل لقبول تلك الإدانات الربانية الجليلة وتلك الخسارات بحضرته كالبحث عن إبرة في كومة قش بحجم جبل .
بل إنه لمن ضمن الموعود أن يطرد من ساحة التبليغ التخصصي كل "الفقهاء" و"العلماء" المتطفلين والمنافقين والكثير الآخر من هذا القبيل ، وذلك عفويا بحضرة الحقائق الربانية المظهرة التي تفضحهم بالنفاذ وبفاعلية الناس من حولهم . وكذلك الكثير من الفقهاء و"العلماء" التقاة ذوي العزة والكرامة سينسحبون من ذات أنفسهم لما يجدوا أنفسهم قد فرطوا تفريطا عظيما فيما لا يفترض تفريطهم فيه. وإنه لمن غاياتي في الإصرار على إشراك الفقهاء و"العلماء" في مهمة التبليغ بما أظهرته من الحق القرآني المخلص أن لا ينسحب أحد منهم الأكفاء وذلك لما ينخرطوا في مهمة التبليغ به ويأخذوا على عاتقهم ضمنها وفي المقدمة وفي الواجهة واجب الإعتراف للناس عالميا بما أخطأوا وفرطوا فيه. فإن خير الخطائين التوابون عند الله وعند الناس كذلك كما هو قول النبي المصطفى الحكيم صلى الله عليه وسلم. فالإعتراف من هذا القبيل له وزن إيجابي عظيم لدى الناس يمنحهم التقدير لديهم ويعفيهم من نقيضه المستحق في حالة العكس . وأجل من هذا راحتهم القلبية النفسية التي سيلقونها علاقة بربهم وهم مستغفرون غير جاحدين.
خلاصة
لا جدوى بالقطع من إتخاذ إجراء تجريم الإفتاء من لدن غير المتخصصين الأكفاء ؛ بل سيخلق فوضى أخرى متسعة وباب فتنة أخرى ضارية لن نحمد كذلك عقباهما.
ومن يرغب فعلا في زوال ظاهرة وموضة الإفتاء بغير الحق فالسبيل هو نشر جوهر معارف القرآن المظهرة في رسالتي التبليغية من باب التذكير والبيان حصرا. من يرغب في ذلك فعلا فليجرب أقله النظر في هذه الرسالة التبليغية ليستيقن ما أدعيه أو يكذبه أو يكذب على الأقل شيئا منه إن يستطع . وهذا نداء آخر أوجهه إلى كل أهل القرآن عموما وفي مقدمتهم الفقهاء و"العلماء" والمفكرون والإعلاميون ورجال النظام.
------------------------------------
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب"
صدق الله العظيم
أبوخالد سليمان؛
الحجيج بالقرآن والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يقولون به ويبلغون به على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
-------------------------------------
أنصروا الله لصالح أنفسكم وكل الناس ولا تناصروا رزمة من الناس والشيطان ضد الله وأنفسكم وكل الناس
المقال رقم37
إلى إهل القرآن
حدث القرن21 بامتياز
*****هام جدا وجاد جدا *****
تجريم الإفتاء أم تجريم الفقهاء ؟؟؟
في مصر ، معروض الآن للدراسة مشروع قانون يقضي بتجريم الإفتاء الصادر من لدن غير الأكفاء . والأقرب لليقين أن هذا القانون ستتبناه هذه الدولة ودول أخرى من دول الشرق الأوسط حيث هذه الظاهرة متفاقمة أكثر مما في غيرها . وفي مقابل هذا الإجراء تطرح الكثير من الأسئلة العقلانية المنطقية من باب التخمين بشأن خلفيات القول بالحاجة إليه وتباعا بشأن مدى صواب منطقه وجدواه ونفعه وبشأن سلبياته ومساوئه وأخطاره:
- 1 -
أسئلة عقلانية منطقية والأجوبة عنها معلومة وتفصل في القضية المطروحة:
ما الذي قوم في الأصل ولادة هذه الظاهرة الغريبة وتفاقمها المسترسل ؟؟؟
من المدان في الواجهة ؟؟؟
وهل قانون تجريم الإفتاء سيخلص من هذه الظاهرة ؟؟؟
أليس التدخل بهذا الإجراء الغريب بدوره هو في الأصل تدخل ضد أعراض المرض وليس ضد المرض ؟؟؟
ومن سنمنحه بهذا القانون الحق في الإفتاء ومن سنمنعه ؟؟؟
هل سنجيز ذلك لكل الفقهاء والعلماء الذين كثر عددهم في زمننا وقل نفعهم إلى حد العدم ونمنع غيرهم عموما ، أم سنستقي منهم البعض ونعلن في المقابل للناس بذلك ضمنيا بقيمة الصريح أن غيرهم ليسوا فقهاء ولا علماء رغم أنهم حاصلون على إجازاتهم الفقهية المختلفة أنواعها ؟؟؟
ومن من الفقهاء و"العلماء" سيقبل بأن يمنع من الإفتاء وأن تقيم كفاءته بذلك سلبيا رسميا وعلانية وأن ينقص من مقامه تباعا ؟؟؟
ومن المؤهل لتقييم كفاءة الفقيه أو العالم وأهليته لنيل إجازة الحق في الإفتاء ؟؟؟
ألن يفسر هذا الإجراء من لدن الكثير من الجهات داخل ديار أهل القرآن وخارجها على أنه زيادة في تسييس الدين من لدن أنظمتهم وفقا لمصالحها أو زيادة في محاصرته بإملاء نفس الغرض قولا بمعاداة الدين ؟؟؟
ألسنا في غنى عما يزيد في تقويم فتننا الكثيرة المختلقة تقويما آخر ثقيلا ؟؟؟
وكيف يمكن عموما ضبط جرم الإفتاء غير "القانوني" أو غير "الشرعي" ؟؟؟
كيف يمكن مثلا التفريق بين إبداء الرأي من باب حرية التعبير مثلا خوضا في الدين وبين الإفتاء فيه ؟؟؟
وما هي المعايير إذا التي ستمكن من ضبظ جرم الإفتاء ؟؟؟
هل سلطة الفتوى لدى الناس هي بقدر ما للمفتي بها من صلاحية تخصصية دبلومية ، أم هي بقدر أهليته ومدى الإقبال عليه ، أم هي في الأصل كله بقدر ما له من العلم الصحيح بنور وهدي القرآن وهدي القدوة النبوية الشريفة وأيضا بقدر إلمامه بخصائص الزمن والعصر على إختلاف أنواعها وأبعادها محليا وعالميا تجعله من العالمين المبصرين ؟؟؟
أليس نفاذ الفتوى من حيث العمل بها عقلا أو قلبا كذلك هو مقيد عموما أصلا بفاعلية خليقة العقل الربانية التي هي واحدة في الأصل لدى كل الناس ، ومقيد تباعا كذلك على مستوى جودة أداء هذا العنصر الخلقي الحي بمدى الوعي الفكري لدى المتلقي والذي تقويمه هو مجموع المعارف التنويرية التوعوية المتميز بها زمنه والتي أجلها وأعظمها فاعلية هي معارف الذكر المخلص المنزل ؟؟؟
أليس فقر الجودة على مستوى هذا الوعي هو أساسا من ضمن الخلل السببي في ولادة الظاهرة إياها وفي تقويم يسر نفاذ السيء منها في حياة الناس ؟؟؟
ألا يردنا كذلك هذا الفقر إلى التساؤل عن مدى صحة المبلغ به من لدن الفقهاء و"العلماء" على أنه هو نور وهدي الذكر المخلص ؟؟؟
وإن تاريخ أهل القرآن المعلوم ليجيب عن كل الأسئلة المذكورة أعلاه التي تستدعي الأجوبة . وإن أجوبتها لمعروضة كلها في مقالاتي التبليغية. وكذلك قد شكل هذا التاريخ أحد المراجع المعتمدة في المبلغ به سواء كمادة إخبارية أو كمادة بيانية تأكيدية. وتلك الظاهرة هي بطبيعة الحال جزء من طرفه الحديث والمعاصر. وفي التالي جرد لملخص المحطات التاريخية في زمن القرآن التي تحمل كفاية الأجوبة عن تلك الأسئلة:
1 - القول بأن الإختلاف بين "العلماء" في فهم القرآن رحمة بدعوى أنه بحر من المعرفة والأسرار وعسير عموما في الفهم وخاصة بالنسبة لعموم الناس.
2 - هيمنة وساطة الفقهاء و"العلماء" حجابا بين جمهور أهل القرآن وبين هذا الكتاب المجيد و"الحديث" أيضا وذلك منذ وفاة النبي (ص) . فقد آمنا نحن جمهور أهل القرآن بأنه من الدين والطاعة لله أن نتبعهم بدون جدال فيما فهمومه من القرآن وفيما صادقوا عليه من "الأحاديث" المجموعة وفيما أفتوا به من شروح وآراء ونظريات وأحكام وفتاوى .
3 - ولادة موروث فقهي ولود يتعاظم حجمه على مدى الزمان وفي كل زمن ، وحيث من أساس تقويم خصوبته القول بشرعية ذاك الإختلاف والبحث اللامنتهي عن صحيح الفهم تباعا. وقد ظلت إنتاجيته تضيف المزيد من الإختلاف والمزيد من المتاهات والمزيد تباعا من تقويم خصوبته. ولما تراكم حجم الإختلاف في زمننا وترسخ عميقا في المعتقد وكأنه من الثوابت في الدين وتفقهنا فيه كثيرا من كل جانب جعلناه علما سميناه "فقه الإختلاف".
4 - إضافة ما جاد به الفقهاء و"العلماء" السابقون من فهم خاص في الدين إلى المرجع الأصلي فصار مرجعنا تبعا للتعبير الفقهي هو "القرآن والسنة حسب فهم السلف". أي أننا نتبع نور وهدي الله حسب فهم السلف ؛ أي من خلال عقول السلف وليس من خلال عقولنا ولا من خلال فهمه الواحد الذي تدركه وتستيقنه كل العقول .
5 - ولادة وشيعة التفرقة في الدين كنتيجة حتمية لذاك الإختلاف الخصيب . وقد تسببت هذه التفرقة في وقوع باقي أنواع التفرقة المجتمعية ، وأذهبت تباعا ريح أهل القرآن . فهي قد ظهرت بعد وفاة النبي (ص) ، وظلت تتطور وترقى على مدى الزمان ، وظل الرقي يشمل حدتها وجودة إنتاجيتها وجودة منتجاتها. وفي مقابل القول في زمننا ب"فقه الإختلاف" يمكن القول إذا بوجود "فقه التفرقة". وقريبا سنعترف وسنقر كذلك بوجود هذا الفقه رسميا وسنفعل ذلك على أنه كذلك من الإيجابيات ومن الفكر السامي.
6 - مرارة حال أمة أهل القرآن أجمعين على أرض الواقع في زمننا ومنذ قرون . ملخصها تفرقة وفتنة وتخلف وفقر من كل جانب وذل واستذلال من لدن الأقوياء الظاهرين. وقد فضح هذا الحال كل ما إجتهدنا في ستره . والفضح هو بطبيعة الحال بشأن كفاءة الفقهاء و"العلماء" وبشأن ما جادت به قريحتهم العقلية الفكرية ويبلغون به على أنه من عند الله.
وأصل الخلل كله وفروعه هو إذا بارز كفاية من خلال عناوين هذه المحطات التاريخية المعبرة كما تعبر المؤشرات البيانية الإخبارية :
القول بأن الإختلاف بين العلماء في فهم القرآن رحمة – حجاب وساطة الفقهاء و"العلماء" بين جمهور الناس وبين هذا الكتاب المجيد وموضوع الدين عموما تباعا – ولادة فقه ولود – القول بفقه الإختلاف – القول بمرجع "القرآن والسنة حسب فهم السلف" – شيعة التفرقة في الدين – مرارة حال أهل القرآن أجمعين .
وخلاصة التعليق لو نحصره في حدود هذه العناوين ونغض الطرف عن التفاصيل تقول:
موجود ترابط تسلسلي بين هذه المحطات ؛ ولا منطق موجود على مستوى كلها ؛ والعيب كله هو كامن في أولها ؛ ويخبر هذا العيب بأن فهم السلف هو مغلوط جله. والسلف الذين تقع عليهم المسؤولية دون غيرهم هم الفقهاء و"العلماء" الذين جاءوا بعد أجدادنا الأوائل إبتداء من النصف الثاني من القرن الهجري الثاني وجمعوا "الأحاديث" وصنفوها وأفتوا في الدين بالآراء والشروح والنظريات والأحكام والفتاوى وأنتجوا بذلك أول الموروث الفقهي "المقدس" الخصيب الذي ظل يتوسع على مدى الزمان وصار في زمننا بحرا لا حدود له .
- 2 -
ماذا إذا عن ظاهرة موضة الإفتاء باعتبار سياقها التاريخي والظرفي المذكر به ؟؟؟
قد إختلف إذا الفقهاء و"العلماء" في فهم القرآن وظلوا يختلفون ؛ واختلافهم هو مازال قائما في زمننا حيث هو قد صار فيه عظيما بفعل تراكمه وأيضا بحكم طابقه الذي زال ستاره وصار مفضوحا في هذا الزمن المتميز باتساع تطوره العلمي والحضاري ، وبتداخل المصالح بين الدول وكثرة المطامع فيما بينها وكثرة المشاكل تباعا ، وبتعقد المعيشة الإجتماعية والمجتمعية في ظل كثرة المغريات التي تفسد الأخلاق . وبهذا الإختلاف وفي ظله فتح الباب على مصراعيه للإفتاء ول"موضة" الإفتاء.
وليس الإفتاء فقط في النوازل وإنما هو أساسا إفتاء من باب الظن ب"الصحيح" من الفهم والشروح والأحكام بشأن القرآن وكذلك بشأن "الحديث" وقصصه وبشأن فهم السلف تباعا. وجل هذا المنتوج المضاف هو للأسف من أجل دعم فهم السلف ودعم مصداقيته التي تهاوت جلها لدى الناس المتلقين . وما أفلح الفقهاء باجتهاداتهم هذه التي لم تغير من الوضع شيئا وإنما زادته تعقيدا وعقدا ؛ وما يمكنهم أن يفلحوا بها أصلا بحكم أساساتها غير السليمة. ففتح الباب بالتالي لكل من دب وهب من المتطفلين وغيرهم ليلقي بدلوه لعله يصيب أو يصيب مآربه. وقد وضحت في مقال وبالحجج البيانية صنيع إبليس بالفقهاء و"العلماء" وبنطاق تخصصه الحق الجليل . فقد جعلهم لا يقربون صحيح تقويم كفاءتهم المطلوبة ؛ وجعلهم ضعاف الثقة بكفاءتهم المحصلة خارجه ؛ وجعلهم رغما عنهم يخوضون بهذه الكفاءة في أدنى درجات سلم مجال المعرفة بالدين الذي هو في الأصل مجال الكل ؛ وجعلهم يبحرون كثيرا في اللامنطق ويقترفون فيه بحرا من الأخطاء التي تزيد في إنقاص جدوى الإستماع إليهم والأخذ بشروحهم وآرائهم ونظرياتهم وفتاويهم وأحكامهم ؛ وجعل إثبات كفاءتهم لقبيلهم وللناس هو همهم المهيمن فصار البحث لديهم عن الشهرة غاية تشكل لديهم ملاذ راحة نفسية ومادية أيضا ، وجعل بالتالي سبيل منافستهم فيما يخوضون فيه هينا لدى كل من يرغب فيها من جمهور الناس.
- 3 -
من معضلتنا العظمى بجهلنا العظيم في الدين أننا صرنا لا ندري ما الفتوى
فالسؤال أو الإستفسار نسميه فتوى ، والجواب عن السؤال أو الإستفسار نسميه فتوى . والرأي نسميه فتوى ، والإخبار بالشيء الموجود ويجهله البعض نسميه فتوى . وفي قناة مشهورة نشر أهلها مفتخرين جردا عدديا يقولون فيه أنهم قد أصدروا 3800 فتوى ردا على أسئلة واستفسارات الناس عددها بنفس هذا العدد ، وأنهم عازمون على المضي قدما في إصدار المزيد . لكن أصل الحقيقة يقول أنهم أصدروا فقط أجوبة عن أسئلة واستفسارات وليس فتاوى . وقد راسلتهم منبها إلى إقترافهم هذا الخلط ، ولم يعيروا هذا التنبيه أيها إعتبار وظلوا يصرحون بما لا يحق التصريح به. وقد وضحت لهم في رسالتي أنهم بذاك التصريح يطعنون علانية في كمال الله عموما وفي صنع قرآنه. فالله كما يعلمون يقول أنه قد أنزل لنا القرآن إماما منيرا هاديا في كل شيء وأنه سبحانه قد بين وفصل فيه تبيان كل شيء وأتانا فيه من كل شيء مثلا ؛ وهم في المقابل يصرحون بأن الله أغفل عن 3800 حالة وأنهم عازمون على إظهار المزيد من قبيلها . والعياذ بالله .
هذا إذا مبلغنا من الجهل العظيم في الدين ، وهذا بيان ناطق صارخ بشأنه.
ومادمنا قد إستبدلنا مفهوم الفتوى بغيره المتسع إتساعا عظيما وجعلنا تباعا جل قول الناس فتاوى فالكل سيجرم إذا ويعاقب . فكل من يخض في الدين سيجرم ويعاقب لما يجب عن سؤال أو إستفسار أو لما يعبر عن رأيه أو لما يخبر بشيء مما علم ومعلوم في الأصل أو لما يستنكر باطلا بينا !!!
- 4 -
باعتبار مجموع ما ذكر تذكيرا ، هل نجرم الإفتاء أم نجرم الفقهاء ؟؟؟
الجواب بين لكل ذي عقل سليم وعيه. ومن يقول بتجريم الإفتاء دون الفقهاء و"العلماء" فرد فعله هذا تشبيها هو كمن يجرم القنبلة لما توقع القتلى والدمار ظلما ولا يجرم من فجرها أو أقله من صنعها.
- 5 -
قريبا جدا ستزول الحاجة إلى تجريم الإفتاء وسيجرم الفقهاء و"العلماء" مدانين تجريما عظيما ؛ والذي سيجرمهم هو الله وجمهور الناس تباعا
للضرورة القسوى أعود يا أهل القرآن إلى موضوع قضيتي التبليغية الجليلة لعل شيئا من الفرج يقع سبيلا لوقوعه كله كما هي مشيئته سبحانه التي خول لنا نحن أهل القرآن وأهل التبليغ أمانة تعفيل تقويمها الخلقي والمنزل. أعود لأقول قول اليقين أنه قريبا جدا سيعلم كل العباد الثقلين بجوهر نور القرآن المظهر في رسالتي التبليغية والمغيب جله إن لم أقل كله من العلم الفقهي الموروث . قريبا ستقول رسالة القرآن كل كلماتها الربانية التامات في العباد الثقلين أجمعين ، وستنفذ إلى عقولهم أجمعين وإلى قلوب أغلبهم أقله في الوهلى الأولى قصرا وليس حصرا . قريبا سيتلمسون الحقيقة الربانية المطلقة التي تقول أن الله قد بين وفصل فعلا تبيان كل شيء في القرآن وأتانا فيه من كل شيء مثلا تبصرة وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين . قريبا بحضرة هذا النور الرباني الجليل ستسقط لديهم كل الأحجبة الشيطانية المختلقة على إختلاف أنواعها وأشكالها وألوانها علاقة بموضوع الدين عموما وعلاقة بموضوع دين الإسلام خاصة وعلاقة بموضوع إمتحان الحياة الدنيا تباعا ؛ وسيجدون فيه كل الأجوبة عن أسئلتهم المعلقة وحلول كل ألغازهم المحيرة علاقة بهذه المواضيع وفروعها. وكذلك ستزول في الوهلة الأولى أغلب الأوضاع الخلافية المختلقة محليا وعالميا وخاصة منها القائمة في ظل ما نسميه "صراع الأديان" و"صراع الحضارات" ، وسيزول تباعا طرف آخر من العوامل الدخيلة التي تقوم إزدهار ظاهرة وموضة الإفتاء . قريبا سيعلم العباد الثقلين بصحيح تعريف دين الإسلام المغيب كله من العلم الفقهي الموروث ومن علمهم أجمعين تباعا، وسيعلمون في شخصه كفايته مدى عظمته. قريبا سيظهر دين الحق على الدين كله وسيعتنق هدي القرآن أغلب العباد الثقلين في الوهلة الأولى قصرا وليس حصرا . وعند وقوع هذا الظهور سيزول طرف آخر من تلك الأوضاع الخلافية وسيزول طرف آخر من العوامل التي تقوم إزدهار ظاهرة وموضة الإفتاء.
وكذلك تباعا وبطبيعة الحال ستسقط بحضرة جوهر النور الرباني القرآني الجليل المظهر حصيلة وافرة من المعتقدات والآراء والشروح والفتاوى والأحكام الفقهية المنسوبة لله باطلا . بل ستسقط جلها ؛ وستسقط عفويا تباعا جل المجلدات والكتب الفقهية على إختلاف أنواعها . وسيتبين للناس العالمين مدى عظمة تقصيرنا في تدبر القرآن المجيد نحن أهل القرآن وأهل التبليغ وفي مقدمتنا الفقهاء و"العلماء" ، ومدى عظمة كفرنا بالمعلوم خلقة واكتسابا وبالمعلوم قرآنا ، ومدى عظمة معاصينا لله في نصائحه وأوامره القرآنية الجليلة الواضحة المعلومة جلها إن لم أقل كلها ، ومدى ظلمنا لدين الإسلام دون غيرنا من الناس ، ومدى مسؤوليتنا الخالصة في حرمان العباد الثقلين من خلاصهم الرباني الجليل المنزل ، ومدى عظمة ضراوة هذا الحرمان وعظمة الخسائر التي تسببنا لهم فيها بعده والتي منها إجمالا مسار جاهليتنا "الحضارية" ومسار الدمار الذاتي الشامل المكتسب في ظلها تباعا.
من خلال ذاك الجوهر سيضع الله إذا الفقهاء و"العلماء" أجمعين في قفص الإدانات والتجريم وسيكون الناس في مقابلهم الطرف المتضرر وشهودا في نفس الآن وحكاما أيضا لا ينطقون ضدهم إلا بنفس ما قضى به هو الحق رب العالمين وواضح منطقه الحق وعدله كوضوح الشمس في سماء زرقاء بدون غيوم . وللسابقين منهم الكثير من العذر بطبيعة الحال والوعد الرباني بالمغفرة . وللأحياء منهم الذين لا يعلمون بقضيتي التبليغية الجليلة الحثيث من العذر بحكم إختلاف زمننا عن زمنهم من حيث وفرة الميسرات فيه التي تيسر الفلاح التام في مهمة تدبر القرآن وأمانة التبليغ ، والوعد كذلك بالمغفرة من لدنه سبحانه هو الغفور الرحمان الرحيم . ولا عذر للأحياء منهم الذين علموا بها وتلقوا الحق الرباني القرآني المتسع المظهر والتزموا الصمت التام . بل هم بصمتهم يثبتون أنه ليسوا بفقهاء ولا علماء وليسوا من المؤمنين المتقين المخلصين . هم قد أثبتوا أنهم من الذين نعتهم الله بأنهم صم بكم عمي كافرون لا يعقلون ومن خدام إبليس وأعداء له سبحانه ودينه الحق ورسوله (ص) وأعداء لأهل القرآن والعباد الثقلين عموما.
وباعتبار ما ذكر تبشيرا ، من المؤهل لقبول تلك الإدانات الربانية الكثيرة العظيمة الجليلة وتلك الخسارات بحضرتها ؟؟؟
لا يقبل بها بطبيعة الحال إلا الفقيه أو العالم المؤمن التقي المخلص بجودة عالية.
فطبيعي في ظل جاهليتنا "الحضارية" أن لا يرد علي إلى حد الآن وعلى مدى أربع سنين فقيه أو عالم مستجيبا مطيعا. طبيعي أن لا يخشى هؤلاء ربهم وأن تغلب عليهم المصلحة الذاتية غير الحلال على حساب مصالح الغير الذين هم كل العباد الثقلين غيرهم عموما. طبيعي أن لا يقبلوا بسقوط سمعتهم الفقهية لدى الناس وخسارة منافعهم تباعا بحضرة نور الله القرآني المخلص الذي يفضح عيوبهم ودناءة أدائهم وعطائهم من مقام تخصصهم الجليل المدعى أنهم أهل له. طبيعي أن لا يقبلوا بظهور هذا النور الجليل للناس . طبيعي أن تخفق قلوبهم خوفا وتخوفا من هذا القادم الموعود وعيدا بالحق . طبيعي في ظل جاهليتنا "الحضارية" أن يصبح البحث عن الفقيه أو العالم المؤمن التقي المخلص المؤهل لقبول تلك الإدانات الربانية الجليلة وتلك الخسارات بحضرته كالبحث عن إبرة في كومة قش بحجم جبل .
بل إنه لمن ضمن الموعود أن يطرد من ساحة التبليغ التخصصي كل "الفقهاء" و"العلماء" المتطفلين والمنافقين والكثير الآخر من هذا القبيل ، وذلك عفويا بحضرة الحقائق الربانية المظهرة التي تفضحهم بالنفاذ وبفاعلية الناس من حولهم . وكذلك الكثير من الفقهاء و"العلماء" التقاة ذوي العزة والكرامة سينسحبون من ذات أنفسهم لما يجدوا أنفسهم قد فرطوا تفريطا عظيما فيما لا يفترض تفريطهم فيه. وإنه لمن غاياتي في الإصرار على إشراك الفقهاء و"العلماء" في مهمة التبليغ بما أظهرته من الحق القرآني المخلص أن لا ينسحب أحد منهم الأكفاء وذلك لما ينخرطوا في مهمة التبليغ به ويأخذوا على عاتقهم ضمنها وفي المقدمة وفي الواجهة واجب الإعتراف للناس عالميا بما أخطأوا وفرطوا فيه. فإن خير الخطائين التوابون عند الله وعند الناس كذلك كما هو قول النبي المصطفى الحكيم صلى الله عليه وسلم. فالإعتراف من هذا القبيل له وزن إيجابي عظيم لدى الناس يمنحهم التقدير لديهم ويعفيهم من نقيضه المستحق في حالة العكس . وأجل من هذا راحتهم القلبية النفسية التي سيلقونها علاقة بربهم وهم مستغفرون غير جاحدين.
خلاصة
لا جدوى بالقطع من إتخاذ إجراء تجريم الإفتاء من لدن غير المتخصصين الأكفاء ؛ بل سيخلق فوضى أخرى متسعة وباب فتنة أخرى ضارية لن نحمد كذلك عقباهما.
ومن يرغب فعلا في زوال ظاهرة وموضة الإفتاء بغير الحق فالسبيل هو نشر جوهر معارف القرآن المظهرة في رسالتي التبليغية من باب التذكير والبيان حصرا. من يرغب في ذلك فعلا فليجرب أقله النظر في هذه الرسالة التبليغية ليستيقن ما أدعيه أو يكذبه أو يكذب على الأقل شيئا منه إن يستطع . وهذا نداء آخر أوجهه إلى كل أهل القرآن عموما وفي مقدمتهم الفقهاء و"العلماء" والمفكرون والإعلاميون ورجال النظام.
------------------------------------
"الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب"
صدق الله العظيم
أبوخالد سليمان؛
الحجيج بالقرآن والغالب المنصور بالله تباعا في رحاب المحاججة ضد كل الفقهاء و"العلماء" ومواليهم بشأن جل ما يقولون به ويبلغون به على أنه من عند الله وهو في الأصل ليس من عند الله وإنما هو من عند الشيطان يناصره مناصرة عظيمة ليس لها مثيل.
-------------------------------------
أنصروا الله لصالح أنفسكم وكل الناس ولا تناصروا رزمة من الناس والشيطان ضد الله وأنفسكم وكل الناس